لم يكن فقراء اليابان يعرفون ان كرات الأرز الابيض المزينة أو المحشوة بالاسماك النيئة التي كانوا يلتقطونها من على شواطئ المحيط لسد جوعهم ومنحهم العناصر الغذائية لمواصلة الحياة، ستصبح في يوم من الأيام طبقا عالميا يطلبه الصفوة، ويباع بأسعار عالية في المطاعم الفخمة، باسم السوشي. في مصر لم يكن الشيف الياباني «ايميل مويا»، أشهر صانعي طبق السوشي في الشرق الأوسط والمتخصص الوحيد لإعداد هذا الطبق المميز على المستوى الفندقي، يتوقع هذا الاقبال الكبير على أطباق السوشي عند مجيئه للعمل في مصر منذ عدة سنوات. لكن حجم الإقبال غير مجري حياته، حيث جعله يقرر الاستقرار بها، وهو الآن يعمل في أحد فنادق القاهرة منذ عدة سنوات
يقول «الفضل في هذا يعود إلى كونه يعتمد على مكونات طبيعية، ولا يحتوي على دهون». ويتابع: «وجبة السوشي عبارة عن قوالب من الأرز المسلوق المضاف إليه «السيرب» وهو صلصة تتكون من الخل والملح والسكر. توضع فوق أو داخل قوالب الارز مقاطع معينة من الأسماك الطازجة النيئة ومع الوقت، تم إضافة مكونات اخرى. وللسوشي أنواع عدة من أشهرها الماكي rolled sushi-maki، ويتكون من نوع من الأعشاب البحرية السوداء، تسمى «نورى» ويوضع بداخلها الأرز ومعه خل. ونيكيري hand-rolled sushi nigiri وهو عبارة عن قوالب صغيرة من الأرز تجدل يدويا وعلى سطحها قطع من السمك النيئ. ولا يكتمل طبق السوشي من دون صلصلة الصويا، خاصة تلك المستخرجة من حبوب فول الصويا، وهناك نوع يسمى «كيكومن» وهو الأشهر على الإطلاق، هذا بالطبع بالإضافة الى الملح والسكر وبعض البهارات الاخرى التي تعتبر اساسية في تحضير طبق السوشى.
لكن من بين أسرار نجاح هذا الطبق، حسب قول الشيف مويا، هو تقديمه مع أسماك طازجة تم اصطيادها في ذات يوم إعداد الطبق لتجنب رائحة السمك القوية التي يمكن ان تتكون وتصبح نفاذة إذا ما ترك لليوم التالي، خصوصا. السر الثاني يكمن في استخدام الارز ذي الحبة القصيرة كالأرز المصري وليس ذا الحبة الطويلة كالبسمتي، فهذا الأخير يتشرب الماء كثيرا بالإضافة الى عدم القدرة على استخدامه فيما بعد في صنع كتلة متماسكة.
ويشير الشيف إميل إلى أن: «سكان منطقة الشرق الأوسط تعاملوا مع هذه الطبق في البداية كنوع من المقبلات، إلا انه في اليابان يقدم كطبق رئيسي، على الرغم من صغر حجمه وكميته، وذلك راجع الى فلسفة تاريخية واقتصادية لدى اليابانيين الذين يصنفون السوشي ضمن قائمة الوجبات الشعبية يطهوها الفقراء الذين يعمدون لأسباب مادية الى استخدام الخضراوات والأرز وصلصة الصويا والأسماك المتوافرة على الشطآن بكثرة توفيرا للنفقات. وبمرور الوقت عرف انتشارا عالميا سريعا، كسر مفاهيم الطبقية، خصوصا وأن اسعاره ترتفع حسب نوع السمك المستعمل ومكوناته الأخرى. وفي مصر بات من الأطباق المفضلة لدى الكثيرين، وبخاصة عندما يقدم معه طبق الساشيمي sashimi وهو نوع خاص من الأسماك النيئة بدون ارز.
ويؤكد الشيف مويا أنه لا يمكن حصر جميع أنواع السوشي الذي تقدم في أنحاء العالم بما فيها اليابان، بعد أن تم تطوير طبق السوشي بشكل هائل ليناسب جميع الأذواق وأهواء البلدان التي اقتحمها، وإن كانت فلسفته الرئيسية مازالت تطبق على نطاق واسع: وهي قوالب الأرز وفوقها قطع من السمك النيئ غير المطهو، ولكن ولأن هذا الأمر غير معتاد بالنسبة الى كثير من المتذوقين، فقد تم إحلال السمك النيئ بالسمك المدخن مثل السلمون، الماكريل، فواكه البحر، سرطان البحر «الكابوريا» والقريدس «الجمبري». أما أصعب أنواع السوشي في الاعداد إلى حد انه يحتاج إلى رخصة خاصة من هيئة الطهاة العالمين، فهو طبق السوشي الذي يستخدم فيه سمك «السوجو» وهو نوع سام للغاية وقاتل إذا لم يحضر بطريقة سليمة، أي انه يحتاج إلى حرفية عالية في التحضير.
يشرح الشيف إيميل: «تعتمد الطريقة على اختراق سن سكين لمكان محدد من جسم السمكة بعيدا عن مركز السم. الدقة هنا مهمة جدا لأن أي خطأ في تقطيع السمكة يمكن ان يؤدي إلى تسرب السم لكل أجزائها، ومن ثم تكون سامة وقاتلة. ولهذا فإن طهاة هذا النوع من الأسماك يتمرنون لمدة 3 سنوات كاملة حتى يستطيعوا ممارسة عملهم في هذا النوع من الأسماك».
الجدير بالذكر ان الإقبال على «السوشي» لا يقتصر على جانب النكهة بل ايضا على الجانب الصحي. فقد أشارت قناة الـ «بي. بي. سي». البريطانية مؤخرا الى تقرير طبي أعده مركز «إيشي» للسرطان في ناجويا باليابان يؤكد ان تناول كميات كبيرة من الأسماك المعدة على طريقة السوشي اليابانية تساعد على التقليل من مخاطر الاصابة بسرطان الرئة، خاصة عند المدخنين. ويقول العلماء الذين أعدوا الدراسة أن السمك الطازج الذي يعتمد عليه طبق السوشي يمنع بصورة خاصة نوعا من الورم الغدي في سرطان الرئة، وان نسبة الاصابة بهذا الورم تقل بمقدار النصف لمن يأكلون كميات كبيرة منه مقارنة بمن لا يأكلونها أو يأكلون كميات قليلة منها. ويعتقد العلماء أن الأمر يعود الى الأحماض الدهنية غير المشبعة الموجودة في زيت السمك الطازج.
اعداد طبق السوشي ليس بالصعوبة التي نتصورها، ولكن المهم كما يقول الشيف مويا، هو مراعاة خطوات تحضيره والالتزام بمقاديره، وعدم إغفال أهمية «خل الأرز» ويسمى باللغة اليابانية «تيزو السوشي» فهو الذي يعود اليه سر المذاق المميز لكرات الارز.
مقادير خل الارز
ـ لتر خل ابيض
ـ 400 جرام سكر
ـ 200 جرام ملح
مقادير الأرز
ـ كوبان أرز
ـ كوبان ماء
ـ 4 ملاعق كبيرة خل أرز
طريقة الاعداد
ـ يغسل الأرز عدة مرات حتى تصبح المياه صافية. يوضع في مصفاة ويترك حوالي ساعة حتى نتخلص من الماء تماما. ينقل الأرز إلى إناء ثقيل أو إناء طهي الأرز الكهربائي ويضاف باقي كمية الماء مع التأكد من تغطيته بغطاء محكم قبل تركه يغلي.
ـ تقلل درجة الحرارة بحيث تسمح للأرز أن يطهي على البخار مدة 15 دقيقة مع تغطية الإناء بإحكام. يبعد الإناء عن النار ويرفع الغطاء لتوضع قطعة قماش بيضاء فوق الإناء ويعاد الغطاء مرة أخرى ويترك بعيدا عن النار 15دقيقة أخرى ليستكمل النضج تحت تأثير البخار.
ـ في أثناء طهي الأرز يخلط خل الأرز مع السكر والملح في آنية مع التقليب ويسخن المقدار حتى يذوب السكر، ويترك جانبا ليبرد في درجة حرارة الغرفة.
ـ بعد أن ينضج الأرز على البخار يقطع بملعقة خشبية ببطء وبتحريك خفيف جدا حتى لا يهرس تماما.
ـ تندي قطعة قماش بخليط خل السوشي وتمسح بها جوانب آنية السوشي وهي آنية خشبية تقليدية الشكل قاعها مسطح تسمى Oke أو hangiri. وتتميز بأن الخشب يمتص الرطوبة الزائدة كما ان سطحها العريض يجعل الأرز يبرد بسرعة.
ـ يوضع الأرز الساخن في الآنية ويضاف إليه التيزو بسرعة ويفكك بطريقة التقطيع والتقليب وبعد أن يمتزجا تماما يوضع أمام الهواء ليبرد تماما، وأيضا للتخلص من الرطوبة. يستغرق ذلك حوالي عشر دقائق.
ـ يفضل أن يستخدم الارز خلال ساعة من إعداده. وأيضا تغطيته بقطعة قماش نظيفة في جو الغرفة العادي حتى تصنع اللفائف.
طريقة عمل السوشي
المكونات
ـ رول السوشي وهو عبارة عن طبقة من عيدان الخشب تشبه «الحصيرة» وتباع في الأسواق الكبرى ضمن أدوات صناعة السوشي
ـ أوراق من النوري وهو نوع من الأعشاب البحرية
ـ أفوكادو
ـ زنجبيل
ـ دايكون (فجل ياباني كبير الحجم)
ـ لحم كابوريا
ـ هليون
ـ عجين الصويا
خطوات تحضير السوشي
ـ نحضر «رول السوشي» ونضع عليها أوراق النوري ـ وهو نوع من الأعشاب البحرية ـ بعدها توضع طبقات من الأرز عليها من دون ضغطها حتى تبقى هشة.
ـ تؤخذ باقي المكونات وتوضع بالترتيب فوق بعضها بحيث يكون لحم الكابوريا في المنتصف.
ـ تلف: الملاية السوشي ثم تقطع إلى قطع صغيرة حسب الحجم الذي نريده ونزينها بقطع من السمك النيء او فواكه البحر